تؤثر الذبذبات الموسيقية بشكل مباشر على الجهاز العصبي. حيث كل ذبذبة موسيقية تؤثر على منطقة من الدماغ متصلة بأحد الأعصاب، وتجعلها تسترخي قدر الإمكان. وخلال تلك العملية يستعيد الجهاز العصبي نشاطه، ويصبح قادراً على إفراز المضادات الطبيعية والسوائل الداخلية التي تساعد جهاز المناعة في التغلب على مصدر المرض وإزالته.
وتتجه الآن الأبحاث العلمية لمعرفة أثر الموسيقا على الدماغ، وتفسير الملاحظات التي دونها الباحثون القدامى. حيث وُجِد أن منطقة أكبر في الدماغ لدى الموسيقيين وحاضري الحفلات الموسيقية تستجيب لنغمات البيانو، مقارنة مع غير الموسيقيين. وهذه المنطقة واقعة في قسم جلب الكلام من دائرة اللاشعور من الدماغ. بالإضافة إلى مناطق عديدة أخرى لوحظت زيادة حجمها، كمركز الحركة الأساسي في الدماغ والمخيخ اللذان يختصان في التوازن وتنسيق الحركات. واقترحت دراسة أخرى أن العزف على آلة موسيقية يسرّع تحليل الرسائل العصبية، ويعيد الحياة لبعض وظائف الدماغ المنسية.
هناك قاعدة في عمل الدماغ تقول إن العمل العضلي أوالعقلي الذي يتطلب إدارةً من كلّ من الدماغ الأيمن والإيسر في الوقت نفسه يساعد على تنشيط الذاكرة، بتقوية القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات. وبما أن الموسيقا تستدعي عمل الدماغ الأيمن، ودراسة أي معلومة تستدعي عمل الدماغ الأيسر، فقد جعلت الموسيقا طريقة سهلة يتبعها الطلاب لتحسين نتائج امتحاناتهم. حيث يستمعون لمقاطع قصيرة من الموسيقا الكلاسيكيّة قبل خوض أي امتحان. وكما وضّحت تجربة أجريت على مجموعتين من طلاب الجامعة، ليخضعوا لامتحان شرح مسرد لكلمات صعبة. حيث عرضت الكلمات على المجموعتين قبل الامتحان، ثم استمعت إحدى المجموعتين لمقطوعة موسيقية من أعمال موزارت، في حين أن الثانية لم تستمع لأي موسيقا قبل خوض الامتحان. وكانت النتيجة أنه من أصل درجة مأتين حصلت المجموعة الأولى على معدل 180 درجة، بينما حصلت المجموعة الثانية على معدل 110.
بدأ استخدام الموسيقا أيضاً كعلاج مخفف للآلام. وهو علاج يسير لا يحمل أية تأثيرات جانبية على الإطلاق. وأصبحت تُلعَب المعزوفات الموسيقية في غرف المرضى لتهدئة نفسياتهم، وتهوين أوجاعهم. ويعتمد هذا العلاج على قدرة الموسيقا الجبارة على حث الدماغ على إفراز مواد مهدّئة، تفرز عادة عند بذل جهد كبير أو الإحساس بالألم، وتسمى الأندروفينات. وتقوم هذه الأندرفينات بتخفيض الكثافة التي تشعر بالألم في الدماغ. وبناءً على ذلك أكد أحد مدراء المعامل أن لعب المقطوعات الموسيقية في النهار زاد مردود الإنتاج بنسبة 20%، وأثناء الليل بنسبة 50% عن المردود المعتاد.
فالموسيقا علاج سهل، رخيص، ومتوافر. بدأ تطبيقه مذ زمن ليس بالبعيد في مختلف مجالات كالحياة العقلية والعملية والزواج وتربية الحيوانات والنباتات وتحسين الصحة النفسية للإنسان العادي. حتى أن طبيباً نمساوياً "د.برامز" ابتكر طريقة جديدة لتخفيض الوزن بالاستماع إلى الموسيقا الكلاسيكية ثلاث ساعات في اليوم.